رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

الطائر الذى يمسك أعناقنا!

قسم : مقالات
الأحد, 02 يناير 2022 13:49

عن مجاهد عن الرسول ص: ما من مولود إلا فى عنقه ورقة مكتوب فيها شقى أو سعيد.

أراد بالطائر ما قضى الله عليه أنه عامله وما هو صائر إليه من سعادة أو شقاوة. سمى «طائراً» على عادة العرب فيما كانت تتفاءل وتتشاءم به من سوانح الطير وبوارحها، وقال «أبوعبيدة»: أراد بالطائر حظه من الخير والشر من قولهم، طار سهم فلان بكذا وخص العنق من بين سائر الأعضاء، لأنه موضع القلائد والأطواق وغيرهما مما يزين أو يشين، فجرى كلام العرب بتشبيه الأشياء اللازمة إلى الأعناق.

يقول الله تعالى: «وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا» ويخرج له، بفتح الياء وضم الراء معناه، ويخرج له الطائر يوم القيامة كتاباً.

وكل إنسان ألزمناه ما قضى له أنه عامله، وهو صائر إليه من شقاء أو سعادة بعمله فى عنقه لا يفارقه، وإنما قوله (ألْزَمْناهُ طائِرهُ) مثلٌ لما كانت العرب تتفاءل به أو تتشاءم من سوانح الطير وبوارحها، فأعلمهم جلّ ثناؤه أن كل إنسان منهم قد ألزمه ربه طائره فى عنقه نحساً كان ذلك الذى ألزمه من الطائر، وشقاء يورده سعيراً، أو كان سعداً يورده جنات عدن.

عن جابر بن عبدالله، أن نبى الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا عدوى ولا طيرة وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه».

تفسير ابن كثير: يقول تعالى بعد ذكر الزمان وذكر ما يقع فيه من أعمال بنى آدم (وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه) وطائره هو ما طار عنه من عمله، وقال ابن عباس: من خير وشر، يلزم به ويُجازى عليه.

والمقصود أن عمل ابن آدم محفوظ عليه، قليله وكثيره، ويكتب عليه ليلاً ونهاراً، صباحاً ومساء.

وقال الإمام أحمد، عن جابر: سمعت رسول الله، يقول: «طائر كل إنسان فى عنقه» قال: يعنى الطيرة.

وقوله تعالى: (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلقاهُ مَنشُورًا) أى نجمع له عمله كله فى كتاب يعطاه يوم القيامة، إما بيمينه إن كان سعيداً، أو بشماله إن كان شقياً (منشوراً) أى مفتوحاً يقرؤه هو وغيره، فيه جميع عمله من أول عمره إلى آخره (يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرهُ) (القيامة 13 - 15).

تفسير البغوى، وعن مجاهد: ما من مولود إلا فى عنقه ورقة مكتوب فيها شقى أو سعيد، وقال أهل المعانى: أراد بالطائر ما قضى الله عليه أنه عامله وما هو صائر إليه من سعادة أو شقاوة، سُمى «طائراً» على عادة العرب فيما كانت تتفاءل وتتشاءم به من سوانح الطير وبوارحها.

(ونُخرج له) يقول الله تعالى: (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا) وقرأ الحسن «ويخرج له» بفتح الياء وضم الراء معناه، ويخرج له الطائر يوم القيامة كتاباً «يخرج» بالياء وضمها وفتح الراء، وقال أبوجعفر «ويَخرج» بفتح الياء وضم الراء، على معنى: ويخرج له الطائر كتاباً، فكلمة كتاباً منصوبة على الحال، ويحتمل أن يكون المعنى، ويخرج الطائر فيصير كتاباً، وقرأ يحيى بن وثاب «ويُخرج» بضم الياء وكسر الراء، أى يخرج الله «ويُخرَج» بضم الياء وفتح الراء على الفعل المجهول، ومعناه، ويخرج له الطائر كتاباً، الباقون ونخرج بنون مضمومة وكسر الراء، أى ونحن نخرج، احتج «أبوعمرو» فى هذه القراءة بقوله ألزمناه «يلقاه» بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف، بمعنى يؤتاه، الباقون بفتح الياء خفيفة، أى يراه منشوراً، وقال منشوراً تعجيلاً للبشرى بالحسنة والتوبيخ بالسيئة.

وعبر سبحانه عن عمل الإنسان بطائره، لأن العرب كانوا، كما يقول الألوسى، يتفاءلون بالطير، فإذا سافروا ومر بهم الطير زجروه، فإن مر بهم سانحاً، أى من جهة الشمال إلى اليمين، تيمنوا وتفاءلوا، وإن مر بارحاً، أى من جهة اليمين إلى الشمال تشاءموا، فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر، استعير استعارة تصريحية، لما يشبههما من قدر الله تعالى وعمل العبد، لأنه سبب للخير والشر.

وقوله سبحانه «فِى عُنُقِهِ» تصوير لشدة اللزوم وكمال الارتباط بين الإنسان وعمله.

وخصّ سبحانه العنق بالذكر من بين سائر الأعضاء، لأن اللزوم فيه أشد، ولأنه العضو الذى تارة يكون عليه ما يزينه كالقلادة وما يشبهها، وتارة يكون فيه ما يشينه كالغل والقيد وما يشبههما.

قال الإمام ابن كثير: وطائره، هو ما طار عنه من عمله من خير أو شر، يُلزم به ويُجازى عليه.

Rochen Web Hosting