رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

آفة النصح أن يكون جدالاً!

قسم : مقالات
الأربعاء, 01 مارس 2023 19:17

 

مَثل تركى: «من قَبِلَ النصيحة اجتاز الجبل.. ومن لم يقبلها أخطأ طريقه حتى فى السهل».. والنصيحة هى إرادة الخير للمنصوح.

وعلى هذه القاعدة المستقرة، تأتى نصيحة الدكتور «محمد مختار جمعة»، وزير الأوقاف، لجميع الأئمة والعاملين بالأوقاف.. وحسنًا جعلها نصيحة تصل إلى القلوب والعقول سريعًا بمفعول الخيرية التى تنطوى عليها، ليس بفعل أمر ويملكه الوزير على موظفيه، بل خطاب للعقل، لهم قلوب يعقلون بها.

النصيحة تقول: «صفحة الإمام أو قناته أو موقعه على مواقع التواصل كمنبره، وهى انعكاس طبيعى لشخصيته، ولا يمكن أن يكون للإنسان السوىّ شخصيتان متناقضتان؛ إحداهما فى الواقع الحياتى، والأخرى فى العالم الافتراضى».

ويكمل الوزير جمعة: «فكما يحرص الإنسان على مظهره وينتقى كلامه وعباراته ويتحسس خُطاه فى دنيا الناس، عليه أن يكون كذلك وأشد حذرًا فى تعامله مع مواقع التواصل نشرًا أو مشاركة أو إعجابًا أو تعليقًا، فما لا تستطيع أو تأبى فعله أو تراه لا يليق بك فى حياتك العامة فهو كذلك على مواقع التواصل».

وهذا تنبيهنا، الوزير يلفتنا لما يسميه علماء النفس «ازدواجية الشخصية». جد عانينا ونعانى من هذه النوعية من الشخصيات المزدوجة، تمر بنا عاديا فى سياقات الحياة، ولكن توقفا أمام شخصية الإمام، الداعية، الواعظ، القس، الكاهن، شخصيات تنطق بالخيرية، وتتواصى بمكارم الأخلاق، ولكن بعضهم يَصدُق عليه قول المولى عز وجل «أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ..» (البقرة / ٤٤).. ومنها يُشتق تحذير الوزير جمعة: «صعب هضم مقولات يطلقها بعض المنتسبين إلى جماعة الشيوخ، وتناقضها التصرفات الشخصية المنشورة على صفحات التواصل.. ومن هذا كثير، ولا حاجة للتدليل على ظاهرة الفصام التى أصابت البعض، يقول قولا على المنبر وفِعله على الفيسبوك يناقضه، ويناقض نفسه بنفسه، وكله مرصود ومسجل عليه، الفضاء الإلكترونى لا يغادر كبيرة ولا صغيرة إلا وأحصاها عليك».

الوزير يحذر: «سنتخذ كل الإجراءات الإدارية والقانونية الحاسمة مع أى شخص من العاملين بالأوقاف يُسِىء استخدام هذه المواقع بما لا يتسق مع القيم العامة وما تقتضيه طبيعة عمله وكونه قدوة فى مجال عمله أم فيما ينشره أو يشاركه من منشور على مواقع التواصل».

قد يفسر التحذير الأخير بأنه تقييدٌ لحرية الرأى، وسيُقال: هذه صفحتى وهذا حسابى الإلكترونى وأنا حر فيه، أنشره وأكويه، مال الوزير بالفضاء الإلكترونى، الحساب على المنبر.. جد ما يقال على المنبر لا ينفصل عما يقال فى الفضاء الإلكترونى.. الإمام والواعظ والداعية كل لا ينفصل، والحساب يجمع فى الأخير.

آفة النصح أن يكون جدالًا، وأذاه أن يكون جِهارًا، والأهم كما يدعو الوزير جميع مرؤوسيه إلى المشاركة الإيجابية التى تتسق وقيمنا الدينية والوطنية والحضارية والإنسانية الراقية التى تجعل من مواقع التواصل قيمة مضافة، بناءً لا هدمًا، ووسيلةً لنشر الأخلاق النبيلة والقيم العظيمة والفوائد العلمية الجليلة، وبما يجعل من وجود الأئمة على مواقع التواصل الاجتماعى إضافة حقيقة للدعوة والرسالة والأمانة التى يحملونها.

 

Rochen Web Hosting