إن تعريف مصطلح (الإعلام الجديد)، كما جاء فى مجلة جامعة دمشق لعام ٢٠١١، هو إعلام متعدد الوسائط، من خلاله يتم عرض المعلومات فى شكل مزيج من الصوت والصورة والفيديو، مما يجعل المعلومة أكثر قوة وتأثيرًا، ثم تأخذ صيغة المعلومات الرقمية؛ حيث يتم إعدادها وتخزينها وتعديلها ونقلها بشكل إلكترونى.

لقد أتت الثورة التقنية على القيود المعروفة فى العالم لتحكم الشبكة العنكبوتية خيوطها حول المجتمعات، وتكسر الأغلال، وتخلق مفاهيم وآليات جديدة، فتركت آثارها الواضحة على جميع مفاصل الحياة، سواء فى الدول النامية أو المتقدمة على السواء.

بعد أن عصفت بقوة فى أركان الإعلام، وزلزلت معظم النظريات القائمة.. فقد تبدلت وتغيرت؛ وأصبح لزامًا على جميع الباحثين التناغم مع التقدم الهائل لتكنولوجيا الاتصال وما رافقها من ظهور أنماط وتطبيقات وأشكال جديدة يتطلب الأمر دراستها بإيجابياتها وسلبياتها ومعرفة مدى انعكاسها على الحياة بأكملها.

وساد الإعلام الجديد.. الذى أضحى ملكية عامة؛ فكل مَن يملك هاتفًا ذكيًّا، ويُجيد استخدامه، وتتوفر لديه خدمة الإنترنت، وتواجد افتراضيًّا فى واحد أو أكثر من مواقع التواصل الاجتماعى، يستطيع الاستفادة منها ونشر الأفكار التى يؤمن بها من خلالها، والتعبير عن آرائه بحرية كاملة دون رقيب.. فالإعلام الجديد يتمتع بحرية قد تصل إلى الفوضى، ولا يخضع لرقابة من أحد سوى من المستخدم نفسه وما يتمتع به من حرية ومسؤولية.

إذن، فقد أتاح للإنسان العادى بكاميرته الصغيرة وهاتفه الذكى أن يقوم بدور «المخبر الصحفى»، واستطاع كل شخص أن يكون قادرًا على نقل الخبر ونشره وتوثيقه بالصورة والفيديو والكتابة؛ وهذا ما دفع القنوات الفضائية ووسائل الإعلام بمختلف أنواعها إلى النقل عنه باعتباره أحد مصادر الأخبار، ما أسهم فى تقليص دور الإعلام التقليدى.

استطاع أيضًا الإعلام الجديد توفير خصائص لم يوفرها الإعلام التقليدى، منها القدرة على التفاعل والاستجابة بين الوسيلة الإعلامية الجديدة والمستخدم، كما أتاح للمستخدم عملية الانتقاء والتفضيل باختيار موضوعات أو خدمات معينة، بالإضافة إلى السرعة والانتشار والنفاذ، والدخول إلى المنازل، والوصول إلى كافة الأوساط، وعبور القارات بسهولة ودون عوائق.

أما عن التحول الرقمى فى المؤسسات الإعلامية (الرقمنة): Digitalization، فهو مصطلح جديد طغى على الساحة العالمية، حتى أصبح تقدم الدول ونزاهة اقتصادها وإدارتها يُقاس بمدى تطبيقها لبرامج وآليات وتقنيات التحول الرقمى، فأضحت عملية «الرقمنة» الحاكم الرئيسى لكافة النظم الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية والإدارية حول العالم، ولم تكن المؤسسات الإعلامية بمعزل عن الرقمنة.

حيث أشارت العديد من الدراسات الحديثة إلى أن المؤسسات الاقتصادية، بما فيها المؤسسات الإعلامية التى اتجهت إلى «الرقمنة»، شهدت زيادة مضاعفة فى معدلات الإنتاج، وانخفاضًا كبيرًا فى إهدار الموارد الاقتصادية، إضافة إلى تراجع ملحوظ لمؤشرات الفساد المالى والإدارى، فظهرت، ولأول مرة- الشركات متعددة الجنسيات فى مجال الصحافة والإعلام، والمنصات الرقمية المستقلة والهادفة إلى الربح.